الثلاثاء، 28 فبراير 2017

(10) نوح والطوفان - الجزء الثاني والاخير

لقد لبث نوح داعيا الي الله في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما , قال تعالي ( ولقد أرسلنا نوحا الى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ) .
خيث أخذ نوح علي عاتقه دعوة قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا من دون أن يكل أو يمل علي الرغم مما واجهه من آذآن صم وقلوب قاسية فآمنت به قله قليلة وكفرت به الكثرة الباقية فأوحى الله إليه قوله تعالي ( وأوحي إلي نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ) .
هنا توجه نوح الي ربه داعيا ( رب لا تذر علي الأرض من الكافرين ديارا ) .. فأمره الله تعالي أن يصنع الفلك لتكون وسيلة لنجاته مع قومه المؤمنين بالله من الطوقان الذي سوف يحل بقومه العصاة الفاسقين . حيث قال الله تعالى ( ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون – فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم – حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل – وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم – وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين – قال سآوي الي جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين – وقبل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت علي الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ) هود 38-44

هكذا حل الطوفان بقوم نوح العصاة الذين استكبروا في الأرض وعاثوا فيها فسادا ونجي الله نوحا الذين آمنوا معه حينما رست السفينوة علي جبل الجودي في شرقي تركيا ( جبل أرارت)
وبذلك انتقل مقر السكان مرة ثانية من جنوبي الرافدين إلي المنطقة الجبلية في الشمال وبدأت زيادة السكان مرة ثانية في تلك الجهات وتكاثر أبناء نوح الذين ركبوا معه في السفينة . فخرج سام وأبناءة نحو الجنوب الغربي بأتجاه جزيرة العرب وتفرقوا هناك . وانطلق حام وأولاده نحو الجنوب فأقاموا في جنوبي العراق مرة أخري بعد أن جفت الأرض وبدت خصوبتها . وتابع الآخرون فتوزعوا فسار بعضهم نحو الجنوب الشرقي نحو الهند بينما اتجهه الآخرون نحو الجنوب الغربي حيث انطلقوا عبر مضيق باب المندب الي افريقيا ... ومن هناك اتجهوا نحو الشمال وبقية المناطق فعمروها . وأما ولد نوح الثالث وهو يافث فقد تحرك وذريته نحو الشرق ومنهم من سار نحو الغرب .

من هنا نجد أن خبر الطوفان قد ورد ذكره مفصلا في كتاب الله . بل إن البشر تناقلوه عبر تراثهم الحضاري عبر السنين وكان السومريين لهم السبق في تدوين أحداثه ثم تناقله كل الأكاديين والبابليين والآشوريين ,, إلا أن اصول تسجيل هذه الحادثة كانت سومرية الأصل , وكما جاء في خلاصة النصوص السومرية عند الدكتور أحمد سوسة في كتابة تاريخ وحضارة وادي الرافدين ( أن الآلهة هي التي أحدثت الطوفان نتيجة لفساد البشر وآثام الأنسان وخطاياه فعزمت الآلهة علي محوه من الوجود بإرسال طوفان كبير علي هذه الأرض ) وذكر أيضا أن حادثة الطوفان وقعت في العراق الجنوبي مع أواخر الألف الثالث قبل الميلاد .
أما عن ارتباط الطوفان بالحضارة المصرية القديمة فأنه حدث قبل التاريخ ولم يكن فيه تدوينات من القدماء المصريين يأخذ بها ولكن كان بها القليل الذي تحدث عن وجود طوفان غطي أرض المشرق . ولا تضاربت أقوال العلماء والمؤرخين والمفسرين هل اجتاح الطوفان الكرة الأرضية ككل أم كان منحصرا في قوم نوح بالتحديد .
=======================

المرجع : أطلس تاريخ الأنبياء والرسل

الأحد، 26 فبراير 2017

(9) نوح والطوفان - الجزء الأول

أرتبط انتشار الأمم التي تعيش قبل نوح كلها علي التوحيد حيث يقول الله عز وجل في كتابه : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) البقرة 213 .
وذلك كما ورد في الأثر الصحيح عن بن عباس رضي الله عنه قال : كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلها علي الإسلام .
ومعني هذا الكلام أن الأمة والذرية التي كانت تعيش بعد آدم وحتي قبيل بعثة نوح إنما كانت أمه موحدة لله مازالوا علي التوحيد حتي بدأ الناس يشركون بالله وذلك بأتخاذهم الأصنام المشهورة والمذكورة في سورة نوح .
ويبدو أنه لما ملئت الذرية شمال العراق يقال إنه ظهر فيهم خمس رجال صالحين هم ( ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ) وأحبهم الناس لعدلهم وصلاحهم وعلمهم وتصادف بأن ماتوا جميعا في فترة واحدة متقاربة فجزع القوم عليهم فقال رجل من نسل قابيل : هل لكم أن اعمل لكم خمسة أصنام علي صورهم حتي تذكروهم ؟ . فنحت لهم خمسة أصنام ونصبها لهم ومرت السنون وعبدوها .
وقد ذكر بن عباس وغيره من السلف أن هذه أسماء قوم صالحين كانوا في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا علي قبورهم وصوروا تماثيلهم ثم طال الأمد عليهم فعبدوهم .

وتفترض بعض المصادر بأن شيث بن آدم كان فد عبر مضيق باب المندب في نفس التوقيت الذي انتشرت فيه ذرية قابيل فيما بين النهرين . وهو الأفتراض الذي لم نجده في أحد الكتب المرجعية . وأن بنو شيث ساروا شمالا وعمروا أرض وادي النيل وولد فيهم إدريس عليه السلام – أخنووخ في التوراة – فأمنوا به واستمر فيهم التوحيد إلا انهم من بعده عاودا الي الشرك . وكان منهم من بقي علي التوحيد ورحلت قبائل منهم الي الشمال الشرقي ووصلت أرض فلسطين ثم الشام ثم شمال العراق حيث التقوا بأبناء عمومتهم أبناء قابيل .
ولعلهم أرادوا بذلك أن يوفقوا بين التاريخ ورواية العهد القديم وبين الأراء التي ذهبت الي وجود إدريس في مصر وأنه من علم أهل مصر القدماء علم الفلك والخط بالقلم وحياكة الثياب والزراعة ، وهو اجتهاد مشكور علي ايه حال .
وبناء علي هذا الأفتراض فإنهم يرجحون أن بنو شيث قد اختلطوا بأبناء عمومتهم من بني قابيل حتي ظهر فيهم الشرك ومن ثم ولد نوح عليه السلام في هذا التوقيت وبعثه الله تعالي فيهم ليعيدهم الي سبيل الرشاد .
علي أن آراء أخري تستبعد حدوث مثل هذه الأحداث بنفس الترتيب . حيث يقر مؤرخون بأن ادريس كان في الفترة التي سبقت نوح والتي لم يكن الشرك قد ظهر في الناس خلالها . وأنه كان مجددا لمله التوحيد دونما حاجة إلي أن يكون الشرك قد ظهر في الناس بعد .


حقائق هامة :
وأيا كانت الحقيقة فإن الله تعالى قد أرسل نوحا الي قومه الذين أشركوا عبدوا الأصنام بعد أجيال من التوحيد ، ينذرهم من عذاب الله عز وجل ، والجدير بالنظر في هذه القصة أشياء كثيرة نورد منها :-
·         أن قوم نوح هم أول من ابتدع عبادة الأوثان بوحي من الشيطان ، يقول النبي محمد صلي الله عليه وسلم عن رب العزة " إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا في ما لم أنزل به سلطانا " رواه مسلم
·         أن شعوب الشرق القديم في الجزيرة العربية لم تفترق وتنتشر إلا بعد طوفان نوح وأن الله أهلك إلا من كان معه علي السفينة بما في ذلك الحيوانات والكائنات والهوام وغيرها ، لذلك أمره الله تعالي أن يأخذ معه من كل زوجين أثنين .
لكن كما هو الأمر في كل فرضيات العصور ما قبل التاريخ ينقسم الباحثين إلي فريقين أحدهما يؤكد شمولية طوفان نوح لوجه الأرض جميعا ، والقسم الآخر يرجح أن الطوفان لم يشمل إلا منطقة الشرق أي في شمال الجزيرة العربية أي منطقة الرافدين وامتدادا الي شرق أوروبا دون سواها من المناطق ويفترضون أن نوحا أرسل إلي قومه فقط في وقت كان فيه بعض الشعوب قد انتشرت بالفعل في أماكن غير شمال الجزيرة العربية – ومنها مصر وشمال أفريقيا – وأن ذلك الإنتشار كان بدأ بالفعل قبيل عصر نوح منذ عصور أبناء آدم الأولين ( عن كتاب قصص الأنبياء والتاريخ للكاتب رشدي البدراوي ) أما الفريق الآخر فيرى أن سكان الأرض جميعا حتي عصر نوح لم يكونوا سوى شعب واحد يعيش في مساحة كبيرة ، لذلك فإن الطوفان علي حد وصفهم كان عالميا وغمر أكبر بقعة ممكنة من وجه الأرض وقتها ، ويأتي علي رأس القائلين بهذا الأفتراض الحافظ بن كثير .

·         وأيا كان الرأي الصائب فإنه في النهاية لم يبدأ انتشار وتنوع الشعوب وتباينها بالشكل المفهوم إلا بعد هبوط سفينة نوح واستقرارها وتكاثر أبناءه ونزوحهم وترحالهم بين البلاد ، واستقرت علي الجودي وقد نصت التوراه علي أن السفينة قد استقرت علي جبال اراراط (أرارات) في شمال العراق أو جنوب شرق تركيا علي حدود أرمينيا وايران وتركيا ، وظلت قصة الطوفان باقية في وجدان شعوب الشرق والعالم القديم حتي تسللت الي أساطيرهم بعد أن طالتها ايادي التحريف والتوييف لإخفاء معالم القصة الحقيقية التي كانت هدفها الأسمى التأكيد علي معنى التوحيد وإنذار المكذبين والطغاه .
==========================
المرجع : فرعون ذو الأوتاد

احمد سعد الدين

الجمعة، 24 فبراير 2017

(8) نبي الله إدريس في مصر - الجزء الأخير

أقدم النصوص التوحيدية في مصر القديمة هي "متون الأهرام" تلك النصوص التي ترجع نشأتها الي العصر الحجري الحديث .
وأما عن عقيدة التوحيد الواردة في هذه النصوص السحيقة القدم ..
يذكر المؤرخ أنطون زكري فقرات مما ورد في متون الأهرام هذه ... مثل ( إن الخالق لا يمكن معرفة اسمه .. لأنه فوق مدارك العقول ... الخ )
ثم يعلق قائلا : ( ولذلك استعملوا في هذه المتون ألفاظا عامة كالإلوهية .. وبعض الفاظ تدل علي الخالق بطريق الكناية ... فقالوا "السيد المطلق" ... " المالك كل شيء" ... وأنه " لانهاية له ولا حد له"
من الذي علم قدماء المصريين ومنذ العصور السحيقة هذا الكلام ؟؟
يذكر عبد الحميد جودة السحار(وكان إدريس أول من أرسل الي المصريين فعرفوا التوحيد قبل عصر الأسرات)
ويذكر أيضا ( وقد بعث الله إدريس في مصر قبل عصر الأسرات يدعو الناس الي عبادة الله وحده ... ويقول لهم أنهم مبعوثون ليوم عظيم ... فآمن المصريون بالله واليوم الآخر وبنوا حضارتهم علي قيم روحية ... الخ )
ويذكر ايضا ( وحدث إدريس قدماء المصريين عن الله الواحد وعن البعث بعد الموت .. وعن الثواب والعقاب والميزان وما جاء في عقائد قدماء المصريين من كلمات عن الله الواحد ... الخ )
ويذكر ايضا ( فقام إدريس يدعو الناس الي عبادة الله الذي له ما في السموات والأرض .. فآمن قدماء المصريين بالله وبأن إدريس عبده ورسوله ... وقد عرف قدماء المصريين منه التوحيد الصحيح .. قبل أخناتون بآلاف السنين )



ويذكر أيضا ( وكانت رسالة إدريس دعوة الي عبادة الله ... الي الوحدانية )
ويذكر ابن أبي اصيبعة ( وقال أبو معشر إن إدريس هو أول من بنى الهياكل ومجد الله فيها )
ويذكر ابن العبرى ( وسن إدريس للناس عبادة الله )
ويذكر القفطي ( ذكر بعض ما سنه إدريس لقومه المطيعين له : دعا إلي دين الله والقول بالتوحيد وعبادة الخالق ... الخ )
فهل كانت لدي المصريين القدماء كتب منزلة – كالتوراة والإنجيل والقرآن – منزلة من عند الله ؟؟
يؤكد المصريون القدماء ذلك .. بل ويذكرون أن كل العلوم بمعنى المعارف الألهية قد جائتهم وحيا من السماء في صحف مقدسة ..
يذكر د. أحمد بدوي ( كان علم قدماء المصريين في اعتقادهم مرجعه إلي السماء .. جاءهم به رسل من حكماء الماضي .. وهو مدخر في الصحف يتناقله الناس جيلا بعد جيل )
فهل كان حقا لدى المصريين القدماء كتب منزلة من السماء ؟؟ أي هل كانوا من أهل الكتاب ؟؟
نعم كانوا من أهل الكتاب
بل وبعض كتبهم المقدسة مذكور في القرآن
بل وأيضا كان جبريل رسول وحي السماء الي عيسى ومحمد هو نفسه الذى كان يتنزل علي نبي المصريين القدماء بالوحي لهذه الكتب االمقدسة .. وهذا ما تؤكده جميع المراجع الإسلامية والتاريخية ..
ففي دائرة معارف البستاني ( إن إدريس قد ملأ 300 كتابا بإلهامات التي ألهم بها )
وفي دائرة معارف البستاني أيضا ( وعلي قول العرب ... فإن إدريس قد ألف كتبا كثيرة فيها أسرار الربوبية )
ويذكر القرماني ( وقد دفع الي إدريس كتاب سر الملكوت )
وعن نزول جبريل بالوحي الي نبي المصريين القدماء ... يذكر القرماني ( وقد صنف إدريس الكتب الكثيرة مما جاء به جبريل .. ومما فيه إظهار أسرار الربوبية )
ولعل من أشهر ما أوحاه جبريل إلي نبي المصريين القدماء هو تلك ال 30 صحيفة التي نجد ذكرها في جميع المراجع الإسلامية
وفي دائرة المعارف الإسلامية  ( ومن جهه النبوة كان إدريس أول من نزل عليه جبريل بالوحي .. ويروي أن ثلاثين صحيفة أوحيت إليه علي هذا النحو )
وفي دائرة معارف البستاني ( وقد أنزل الله إلي إدريس ثلاثين صحيفة فعرف أسرار العالم والكون .. ولم يخف عليه شيء )

ويذكر د. محمود بن الشريف ( عن أبي ذر الغفاري قال : قلت يا رسول الله .. كم من كتاب أنزل الله عز وجل ؟ .. فقال رسل الله عليه الصلاة والسلام : أنزل الله تعالي علي إدريس ثلاثين صحيفة ... الخ )
ومن الجدير بالذكور أن هذه ال 30 صحيفةو هي نفسها التي ورد ذكرها في القرآن بأسم الصحف الأولى
يذكر الطبري ( إن الله بعث إدريس وجموع له علم المواضين زاده مع ذلك ثلاثين صحيفة ... فلذلك قوله تعالى " أن هذا لفي الصحف الأولى "
ويعني بالصحف الأولى .. الصحف التي نزلت علي إدريس عليه السلام
إذن .. لا شك في أن قدماء المصريين – وبنص ما جاء في التراث الإسلامي وفي القرآن الكريم – قد كانت لديهم كتب سماية وأن الله سبحانه قد أنزلها وحيا الي نبيهم إدريس.

كما نجد في التراث المصري القديم ... العديد من الشواهد علي أن  ,تلك الصحف المنزولةو كانت لها في نوفوسهم قداسة هائلة .. وأنهم كانوا يلتزمون التزاما كاملا بكل ما جاء فيها .. ولا يعلمون إلا وفق ما تقضيه وتأمر به تلك الكتب من شرائع .
الخلاصة : أن أولئك المصريين القدماء كانوا من المؤمنين المووحدين بالله . كما كانا من أهل الكتاب
==========================

المرجع : قدماء المصريين أول الموحدين

الخميس، 23 فبراير 2017

(7) نبي الله إدريس في مصر - الجزء الثاني

وعن كون إدريس عليه السلام مصري ومرسل من الله إلي المصريين
يذكر القفطي : ( إدريس النبي عليه السلام ... قد ذكر أهل التواريخ والقصص وأهل التفسير من أخباره ... الخ .. وقد ولد بمصر )
ويذكر القرماني : ( وإدريس عليه السلام كان نبيا عظيما ... وقد ولد بمصر )
وفي دائرة معارف البستاني : ( وأما ترجمة إدريس علي قول العرب .. فهي أنه كان نبيا عظيما ولد بمصر )
ويذكر الألوسي : ( وكان إدريس قد ولد بمصر )
ويذكر ابن ظهيرة : ( فصل في ذكر من ولد بمصر – ومن كان بها من الأنبياء ... الخ ... ومنهم إدريس النبي عليه السلام )
ويذكر الباحث العراقي – عبد الفتاح الزهيري : ( وقد ولد النبي إدريس في مصر )
ويذكر ابن اياس تحت عنوان ( ذكر من كان بمصر من الحكماء في أول الدهر ) قال : ( كان بمصر من الحكماء إدريس .. وقد جمع بين النبوة والحكمة )
ويذكر الأستاذ عبد الحميد جودة السحار : ( وقد بعث الله إدريس في مصر )
ويضيف السحار : ( وكان إدريس أول من أرسل الي المصريين )
ويذكر الشيخ عبد الوهاب النجار : ( وأقام إدريس ومن معه بمصر )
ويذكر ابن العبري : ( والعرب تسميه إدريس .. الساكن بصعيد مصر الأعلي )
ويذكر ابن جلجل : (وكان مسكن إدريس ... صعيد مصر )
يذكر ابن أبي أصيبعة : ( وعند العرب أن إدريس مولده بمصر )
وفي تفسير المراغي : ( وأما إدريس فهو موضع التجلة والأحترام لدي قدماء المصريين )
إذن ....... لا شك أن إدريس مصري ... وقد ولد بمصر .... وعاش بمصر .. توجه بدعوته إلي قدماء المصريين



أما عن كونه أول وأقدم الأنبياء ..
يذكر ابن خلدون : ( إدريس هو أقدم الأنبياء )
ويذكر القرطبي : ( ووكان إدريس أول من أعطي النبوة )
ويذكر ابن سعد ( عن ابن السائب قال : أول نبي بعث هو إدريس )
وفي دائرة معارف القرن العشرين : ( إدريس هو أول من أعطي النبوة من ولد آدم )
ويذكر الطبري : ( وعن ابن اسحاق : كان إدريس أول بني آدم وأعطي النبوة )
أما عن العصر الذي عاش فيه إدريس
يذكر عبد الحميد جودة السحار ( ولد إدريس قبل عصر الأسرات )
ويذكر أيضا ( وقد بعث الله إدريس في مصر قبل عصر الأسرات ) أي قبل 3200 ق م
ولكن متي بالتحديد ؟؟
يذكر ابن أبي أصيبعة : ( وأما أبو معشر البلخي .. فإنه يذكر في كتاب الألوف أن إدريس كان قبل الطوفان )
ويذكر ابن ظهيرة : ( إن إدريس عليه السلام .. قبل نوح والطوفان )
ويذكر عبد الحميد جودة السحار ( ولد إدريس قبل نوح )



ومن ثم فمتى كان عصر نوح والطوفان ؟؟
يذكر المؤرخ العراقي د. طه باقر : ( يكاد الإجماع ينعقد بين الباحثين علي أن خبر الطوفان الوارد في الكتب المقدسة ولا سيما التوراة .. هو الطوفان الوارد في مآثر حضارة وادي الرافدين نفسه .. أما عن زمن هذا الطوفان فأقرب الأحتمالات أنه قد حدث ما بين دور جمدة نصر وبين فجر السلالات الأول .. ولعل من آثار هذا الطوفان ما وجد من ترسبات غريبة في جملة مواضع أثرية جري التنقيب فيها .. الخ  وقد ذهب الباحث المعروف " وولي " - الذي نقب في أور – إلي أن الطوفان المأثور قد وقع في حدود 4000 ق م )
كما يذكر المؤرخ العراقي د. أحمد سوسة : ( لا شك أن حادثة الطوفان وقعت في العراق في القسم الجنوبي منه ... ويرجع زمنها في أغلب الأحتمالات إلي أواخر العصر الحجري في أوائل عصر فجر السلالات – أواخر الألف الرابع ق م – وفي حين أن "وولي " الباحث المعروف .. ذهب الي أن الطوفان وقع في حدود 4000 ق م )
هذه نتائج أبحاث العلماء – بناء علي الحفريات والتنقيبات الأثرية – التي اثبتت حدوث ذلك الطوفان بالوسائل العلمية – تحديد زمنه التقريبي ب 4000 ق م
وأيا كان الأمر .. فلا شك أن عصر الطوفان – عصر نوح – هو عصر موغل في القدم .. وسابق لزمن الأسرات في مصر بكثير .
حيث يربط العلماء المسلمون بين النبي إدريس والنبي نوح ويذكرون بأن نوح من نسل إدريس . وإن أختلفوا في تحديد مدى البعد الزمني بينهما .
فالبعض يري أن إدريس هو جد نوح كما في دائرة معارف القرن العشرين ( وإدريس هو جد نوح )
ويذكر الطبري ( وإدريس جد نوح )
بينما يرى آخرون أنه أبو جد نوح
كما في الزمخشري ( إن إدريس جد أبي نوح )
وكذلك في المعارف لإبن قتيبة ....وفي ومجمع البيان للطبرسي ....وفي البحر المحيط لأبي حيان .. وفي تفسير الرازي ... وفي تفسير البيضاوي .... وتفسير المراغي ... وتفسير الخازن.
ويرى آخرون أنه جد أعلى لنوح – دون تحديد -  كما في تفسير الخطيب ( إدريس جد أعلى لنوح )
وكذلك يذكر الشنقيطى : ( إن إدريس في عمود نسب نوح )
ويذكر النيسابوورى : ( وإدريس من أجداد نوح )
بينما يرى ابن عباس أن الفارق الزمني بينهما هو 1000 سنة
يذكر الألوسى ( وإدريس نبي قبل نوح .. وبينهما – علي ما في المستدرك لابن عباس – ألف سنة )
وتعقيبا علي ورد ذكره فالأقرب للمنطق .. هو ما ذكره القائلون بأن إدريس هو جد أعلى لنوح .. أي هو من أجداده ... بصورة مطلقة وبدون تحديد
أما ما ذكره الألوسى من أن إدريس أقدم من نوح بألف سنة .. فهوو رقم تخميني .. وإنما يدل على مدي البعد الزمني بينهما .

وخلاصة القول .. أن النبي إدريس كان أقدم من نوح والطوفان بكثير جداا . وقد عاش في زمن لا شك أقدم من 5000 ق م . أي خلال العصر المسمى العصر الحجري الحديث ( 6000 – 5000 ق م )
ويؤكد ذلك العديد من الشواهد والبراهين الدامغة
منها : تلك الكتابات التوحيدية الخالصة التي ظهرت في مصر – فجأة – وفي نفس تلك الفترة .. أي العصر الحجري الحديث .. والمليئة بالمعارف الروحية والميتافيزيقية التي يستحيل أن يتوصل اليها البشر بدون وحي إلهي .... كما في متون الأهرام وكتاب الموتى .
فمن الذي أنبأهم بكل ما في تلك الكتابات من توحيد ومن معاني روحية سامية .؟
لا شك أنه نبي مرسل ... ولا شك أنه إدريس نفسه .
ومن تلك الشواهد أيضا : ظهور الإيمان بالبعث – لأول مرة – لدى المصريين خلال نفس العصر الحجري الحديث .
وكذلك ظهور الكتابات التي تتحدث عن حساب الآخرة والميزان والجنة والنار ... الخ .. وهي أمور كلها ظهرت في تلك الفترة وكلها تنسب معرفة المصريين بها إلي إدريس عليه السلام .
===================
المرجع : قدماء المصريين أول الموحدين

(6) نبي الله إدريس في مصر - الجزء الأول




ذكرت في الحلقة الأولي بأن :
ومن وجهه نظر مختلفة فإنه رجحت أقوال كثيرة الي أن ادريس ولد بمصر بمدينوة منف وسموه هرمس الهرامسة وسماه الله عز وجل في القرآن الكريم إدريس , ويقال أن هرمس لم يكن هو إدريس بل كان هرمس هذا رجل صالح يتبع مله إدريس فتشابهت أقوالهما وسيرتهما وأضيفت أخبار إدريس علي سيرته
، بينما رجحت أقوال أخري أن إدريس ولد ببابل فلما وجد أن من أطاعوه نفر قليل نوى الرجلة عنهم وصاروا معه حتي أشرقوا علي وادي النيل ومن هنا جاء الربط بينه وبين مصر في قصصهم .
ومقارنته بما جاء في الحلقة الماضية .
نستخلص هذا السؤال :-
من أين عرف المصريون القدماء ومنذ تلك العصور السحيقة فكرة التوحيد ؟
لا شك ونقولها بكل تأكيد ويقين أنهم قد عرفوا ذلك عن طريق وحي سماوي جاءهم علي يد رسل وأنبياء
ويؤكد ذلك القرآن الكريم ذاته ... كما في قوله تعالى
( وكم أرسلنا من نبي في الأولين ) الزخرف\6
(وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) فاطر \ 24
وفي التفسير : ( يقول تعالي للنبي محمد ( إن أنت إلا نذير ) ... أي إنما عليك البلاغ والإنذار ... وقوله : ( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ) ... أي وما من أمة سبقت من بني آدم إلا وقد بعث الله تعالى اليها نذير
ويقول تعالي ( ولكل أمة رسول ) يونس \47
( وبقد بعثنا في كل أمة رسولا ... أن اعبدوا الله ) النحل \36
وفي التفسير : ( وبعث الله في أمة – أي في كل قرن وطائفة من الناس – رسولا .. وكلهم يدعون الي عبادة الله وينهون عن عباده سواه )
فما بالنا بتلك الأمة المصرية التي كانت أقدم الأمم علي الأطلاق .. والتي يرجع تاريخها وحضارتها الي عصور ما قبل التاريخ ..
كما نجد مما يؤكد هذا في تراث المصريين القدماء أنفسهم .. إذ يذكر أن كل العلوم الدينية والنيوية قد جائتهم وحيا من السماء عن طريق الرسل .
يذكر د. أحمد بدوي ( كان علم المصريين في اعتقادتهم مرجعة الي السماء .. جاءهم به رسل من حكماء الماضي )



ويذكر الإمام محمد أبو زهرة ( بيد أنه يجب علينا أن نعتقد أن دعوات الي التوحيد الخالص بعباده إله واحد – فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد – قد توردت علي العقل المصري وبعيد أن ننفي تماما عن المصريين في مدى خمسة آلآف سنة ازدهرت فيها حضارتهم ونمت وأن تكون قد وردت عليهم عقيدة التوحيد بدعوة من رسول أو نبي )
أما ... من هم أولئك الرسل بالتحديد ؟؟ وما هي أسمائهم ؟؟
يقول الله تعالى ( لقد ارسلنا رسلا من قبلك .. منهم من قصصنا عليك .. ومنهم من لم نقصص عليك ) عافر \ 78
وفي التفسير ( ومنهم لم نقصص عليك – وهم أكثر ممن ذكر بأضعاف أضعاف )
ويؤكد القرآن الكريم هذه الحقيقة في آيه أخرى ( ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل .. ورسلا لم نقصصهم عليك ) النساء \164
إذن فهناك رسل عديدون لم يأت ذكرهم في القرآن الكريم
ولا شك أن منهم الكثير ممن أرسلهم الله سبحانه الي الأمة المصرية علي مدى آلآف السنين في تاريخها الطويل.
ومع ذلك فهنالك ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم , أحد أولئك الأنبياء المصريين ألا وهو نبي الله إدريس عليه السلام
( واذكر في الكتاب إدريس أنه كان صديقا نبيا ) مريم \ 56
وفي الحلقة القادمة سنتكلم عن نبي الله إدريس
==============================
المراجع
فرعون ذو الأوتاد

قدماء المصريين أول الموحدين