السبت، 18 فبراير 2017

(2) انتشار الأنسان مع اللغات واللهجات






حقائق هامة :
وأيا كانت الحقيقة فإن الله تعالى قد أرسل نوحا الي قومه الذين أشركوا عبدوا الأصنام بعد أجيال من التوحيد ، ينذرهم من عذاب الله عز وجل ، والجدير بالنظر في هذه القصة أشياء كثيرة نورد منها :-

  • أن قوم نوح هم أول من ابتد عبادة الأوثان بوحي من الشيطان ، يقول النبي محمد صلي الله عليه وسلم عن رب العزة " إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا في ما لم أنزل به سلطانا " رواه مسلم
  • أن شعوب الشرق القديم في الجزيرة العربية لم تفترق وتنتشر إلا بعد طوفان نوح وأن الله أهلك إلا من كان معه علي السفينة بما في ذلك الحيوانات والكائنات والهوام وغيرها ، لذلك أمره الله تعالي أن يأخذ معه من كل زوجين أثنين .
    لكن كما هو الأمر في كل فرضيات العصور ما قبل التاريخ ينقسم الباحثين إلي فريقين أحدهما يؤكد شمولية طوفان نوح لوجه الأرض جميعا ، والقسم الآخر يرجح أن الطوفان لم يشمل إلا منطقة الشرق أي في شمال الجزيرة العربية أي منطقة الرافدين وامتدادا الي شرق أوروبا دون سواها من المناطق ويفترضون أن نوحا أرسل إلي قومه فقط في وقت كان فيه بعض الشعوب قد انتشرت بالفعل في أماكن غير شمال الجزيرة العربية – ومنها مصر وشمال أفريقيا – وأن ذلك الإنتشار كان بدأ بالفعل قبيل عصر نوح منذ عصور أبناء آدم الأولين ( عن كتاب قصص الأنبياء والتاريخ للكاتب رشدي البدراوي ) أما الفريق الآخر فيرى أن سكان الأرض جميعا حتي عصر نوح لم يكونوا سوى شعب وووواحد يعيش في مساحة كبيرة ، لذلك فإن الطوفان علي حد وصفهم كان عالميا وغمر أكبر بقعة ممكنة من وجه الأرض وقتها ، ويأتي علي رأس القائلين بهذا الأفتراض الحافظ بن كثير .
  • وأيا كان الرأي الصائب فإنه في النهاية لم يبدأ انتشار وتنوع الشعوب وتباينها بالشكل المفهوم إلا بعد هبوط سفينة نوح واستقرارها وتكاثر أبناءه ونزوحهم وترحالهم بين البلاد ، واستقرت علي الجودي وقد نصت التوراه علي أن السفينة قد استقرت علي جبال اراراط (أرارات) في شمال العراق أو جنوب شرق تركيا علي حدود أرمينيا وايران وتركيا ، وظلت قصة الطوفان باقية في وجدان شعوب الشرق والعالم القديم حتي تسللت الي أساطيرهم بعد أن طالتها ايادي التحريف والتوييف لإخفاء معالم القصة الحقيقية التي كانت هدفها الأسمى التأكيد علي معنى التوحيد وإنذار المكذبين والطغاه .
  • - وبما أن الناس كانوا أمة واحدة فقد كان لسانهم لسان واحد منذ آدم وحتي عهد أبناء نوح عليه السلام ، ثم بدأت اللهجات تختلف وتنتشر بأنتشار القبائل والجماعات وبداية حركات الهجرات من سلالات أبناء وأحفاد نوح ومن لحق به في السفينة من شعوب أخري ، ولعلماء اللغة ابحاثا طويلة في هذا الصدد تثبت أن أصول اللغات كلها واحد وأن منبعها من الشرق القديم ، فلقد وجد العلماء الكثير من المفردات المشتركة بين اللغات القديمة تصل الي ثلاثة آلاف مفرد من المفردات والجذور في بعض الأحيان .


  • - أصل اللغات القديمة كانت اللغة الأم التي يعود إليها أصل كل اللغات الرئيسية التي بدأت كلهجات وأخذت في الظهور والتميز عن بعضها حتي وصلت لذروتها قبل الألف الأولي من يلاد المسيح ، ثم مالبثت وأن تطورت وتفرعت أكثر فأكثر حتي ظهرت اللغات المعروفة في يومنا هذا علي صورتها الحالية ، ويشير الكثير من علماء اللغة المعاصرين بأت تلك اللغة الأم – والتي أطلقوا عليها مصطلحا حادثا وهو العروبية أو الجزرية – كانت تضم جذور كل اللهجات التي تطورت الي اللغات القديمة بما فيها العربية القديمة والمصرية القديمة واللعة السبئية القديمة واللغة الأمازيجية ( لغة شهوب البربر وشمال أفريقيا ) واللغة الكنعانية القديمة والبابلية القديمة والآرامية والكثير من اللغات القديمة الأخري ، وهي بذلك أصل كل اللغات القديمة السامية وغيرها – إن جاز لنا الأخذ بمصطلح السامية التوراتي – بل وربما امتد أصل هذه اللغة – العروبية – إلي ما قبل نوح بل وإلي آدم أول البشر بأعتبارها اللغة الأم التي أنشقت وأنبثقت منها كل اللغات في العالم ، ولنا في ذلك شواهد منها أسماء الصالحين الذين أتخذوا أصناما قبيل عهد نوح ( كود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا ) وكلهم أسماء عروبية صرفة تمت بصلة وثيقة بأصول اللغة العربية القديمة ، بل إن أسمي أول البشر آدم وحواء هي أسماء تمت بصلة وثيقة لأشتقاقات اللغة العربية القديمة أيضا .
  • ونجد أيضا في أسماء من كانوا يعيشون في عهد إبراهيم وما تلاه من عصور أسماء عربية الواقع والرنين والي يظهر – والله أعلم – أن ابناء إبراهيم والكثير من معاصريه كانوا يتكلمون عربية ذلك الزمان باإضافة الي بضع لهجات أخري كما أن أم اسماعيل اسمها هاجر وهذا لفظ عروبي صريح ، وقد نزل إبراهيم عليه السلام الي مكة وقابلت قبائل جرهم والعماليق وتخاطبت معهم دونما حاجة الي وسيط أو مترجم ، وقد اشتقت اسم ولدها إسماعيل من ( يسمع إيل ) كما ورد في كتاب أهل الكتاب ، ونزل إبراهيم لابنه اسماعيل وخاطب زوجتيه الجرهميتين العربيتين دونما حاجة إلي وسيط أو مترجم .
  • وقد وافق اراهيم أقواما في شمالي الجزيرة وفي أوسطها هم عرب لا محالة وهؤلاء العرب الذين كانوا في تنقل دائم في طول الجزيرة وعرضها كانوا يتكلمون لغة خاصة بهم هي أم اللهجات العربية في التاريخ ( اي العربية القديمة بلهجتها الجرهمية ) فلابد إذا أن تكون اللغتان قد نشأنا في عهد متقارب ، وأن تكون متقاربتين وإلا لما استطاع ابراهيم التفاهم مع رجال تلك القبائل التي رأينا له علاقات كثيرة بهم حسبما ورد في التوراة نفسها .
  • ومن هنا يظهر أن تلك اللغات القديمة كانت – في ذلك الوقت تنوعا علي مصدر واحد – وكانت أقرب ما يكون إلي لهجات متعددة من لغة واحدة أكثر منها لغات متباينة ومختلفة ، فلو افترضنا جدلا أن ابراهيم كان يتكلم الآرميه ، فلا يلزم من ذلك انكار أن متحدث الآرمية لا يفهم الفروع الأخري المنبثقة من اللغة الأم وخاصة مع ما يروي من ترحال إبراهيم بين بلاد الرافدين والشام وتجوله علي كل من سكنها من فروع من شعوب الشرق وتحدث معهم جميعا دون أن يحتاج الي مترجم ، فهذه اللغات مجرد تنويع علي المصدر أوو لهجات لأصل لغوي واحد ليس أكثر من ذلك .
  • وإذا نظرنا الي ابن أخي اسماعيل وجدناه يعقوب ، أي الذي يعقب ويخلف غيره وهو قد عقب أباه ، كما قال الله تعالي " من وراء إسحاق يعقوب " فتأصيل هذا الاسم في العربية قريب المأخذ لمن تأمله وهذا كله يدل علي وجود تلك اللغة الإشتقاقية العروبية العريقة التي كانت سائدة في هذه المنطقة منذ القدم ، وإن اختلفت وتحورت وتطورت إلا أنها لا تخرج عن لغة الأشتقاق .
  • والجدير بالذكر أن اللغة العربية الفصحى – أو اللغة العربية المعيارية أو القياسية التي نزل بها القرآن – هي أفصح ما نتج عن هه اللغة العروبية الأم ، لم تداخلها الإضافات ولا الألفاظ الغريبة غير الفصيحة كغيرها من الفروع بل أحتفظت بالأصل وتجلت في كامل فصاحتها وأوج تطورها في عهود الجاهلية بل وعربت ما دخل عليها من ألفاظ غريبة ، لذلك تخيرها الله لتكون لغة كتابه الخاتم الذي أنزل علي نبيه الخاتم .
--------------------------------------
المرجع :- فرعون ذو الاوتاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق