لقد لبث نوح داعيا الي الله في قومه ألف سنة إلا
خمسين عاما , قال تعالي ( ولقد أرسلنا نوحا الى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين
عاما ) .
خيث أخذ نوح علي عاتقه دعوة قومه ليلا ونهارا
وسرا وجهارا من دون أن يكل أو يمل علي الرغم مما واجهه من آذآن صم وقلوب قاسية
فآمنت به قله قليلة وكفرت به الكثرة الباقية فأوحى الله إليه قوله تعالي ( وأوحي
إلي نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ) .
هنا توجه نوح الي ربه داعيا ( رب لا تذر علي
الأرض من الكافرين ديارا ) .. فأمره الله تعالي أن يصنع الفلك لتكون وسيلة لنجاته
مع قومه المؤمنين بالله من الطوقان الذي سوف يحل بقومه العصاة الفاسقين . حيث قال
الله تعالى ( ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا
فإنا نسخر منكم كما تسخرون – فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم
– حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من
سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل – وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها
ومرساها إن ربي لغفور رحيم – وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في
معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين – قال سآوي الي جبل يعصمني من الماء
قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين –
وقبل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت علي الجودي
وقيل بعدا للقوم الظالمين ) هود 38-44
هكذا حل الطوفان بقوم نوح العصاة الذين استكبروا
في الأرض وعاثوا فيها فسادا ونجي الله نوحا الذين آمنوا معه حينما رست السفينوة
علي جبل الجودي في شرقي تركيا ( جبل أرارت)
وبذلك انتقل مقر السكان مرة ثانية من جنوبي
الرافدين إلي المنطقة الجبلية في الشمال وبدأت زيادة السكان مرة ثانية في تلك
الجهات وتكاثر أبناء نوح الذين ركبوا معه في السفينة . فخرج سام وأبناءة نحو
الجنوب الغربي بأتجاه جزيرة العرب وتفرقوا هناك . وانطلق حام وأولاده نحو الجنوب
فأقاموا في جنوبي العراق مرة أخري بعد أن جفت الأرض وبدت خصوبتها . وتابع الآخرون
فتوزعوا فسار بعضهم نحو الجنوب الشرقي نحو الهند بينما اتجهه الآخرون نحو الجنوب
الغربي حيث انطلقوا عبر مضيق باب المندب الي افريقيا ... ومن هناك اتجهوا نحو
الشمال وبقية المناطق فعمروها . وأما ولد نوح الثالث وهو يافث فقد تحرك وذريته نحو
الشرق ومنهم من سار نحو الغرب .
من هنا نجد أن خبر الطوفان قد ورد ذكره مفصلا في
كتاب الله . بل إن البشر تناقلوه عبر تراثهم الحضاري عبر السنين وكان السومريين
لهم السبق في تدوين أحداثه ثم تناقله كل الأكاديين والبابليين والآشوريين ,, إلا
أن اصول تسجيل هذه الحادثة كانت سومرية الأصل , وكما جاء في خلاصة النصوص السومرية
عند الدكتور أحمد سوسة في كتابة تاريخ وحضارة وادي الرافدين ( أن الآلهة هي التي
أحدثت الطوفان نتيجة لفساد البشر وآثام الأنسان وخطاياه فعزمت الآلهة علي محوه من
الوجود بإرسال طوفان كبير علي هذه الأرض ) وذكر أيضا أن حادثة الطوفان وقعت في
العراق الجنوبي مع أواخر الألف الثالث قبل الميلاد .
أما عن ارتباط الطوفان بالحضارة المصرية القديمة
فأنه حدث قبل التاريخ ولم يكن فيه تدوينات من القدماء المصريين يأخذ بها ولكن كان
بها القليل الذي تحدث عن وجود طوفان غطي أرض المشرق . ولا تضاربت أقوال العلماء والمؤرخين
والمفسرين هل اجتاح الطوفان الكرة الأرضية ككل أم كان منحصرا في قوم نوح بالتحديد
.
=======================
المرجع : أطلس تاريخ الأنبياء والرسل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق