الخميس، 30 مارس 2017

(23) أصل غزاه مصر من الهكسوس - الجزء الثاني

الهكسوس يسمون ايضا "العماليق"
ولهذه التسمية اهمية كبرى
إذ أنها التسمية التي ورد بها ذكر الهكسوس في التوراه وكذلك في جميع المراجع العربية والإسلامية
يذكر د. أحمد شلبي (والهكسوس هم الرعاة العماليق)
ويذكر د.لويس عوض (وهؤلاء العماليق استطعنا تحديدهم بجخافل الهكسوس )
ويضيف ( ولا شك ايضا ان هؤلاء الهكسوس هم العماليق كما تقول التوراة )
ويذكر المؤرخ الأثري احمد نجيب ( والعمالقة هم أمة الهكسوس )
ويذكر عبد الحميد جودة السحار ( والمؤرخون العرب يرون أن الهكسوس هم العماليق )
ويذك فوزي العنتيل ( يقول جورجي زيدان في كتابه العرب قبل الإسلام -71 أن العمالقة هم الهكسوس )
ويذكر المؤرخ العراقي د. احمد سوسة ( وكان المصريون يعرفون ملوك الرعاة بأسم العمالقة وهم الهكسوس – وكان العرب يسمونهم العمالقة )
ويذكر الباحث العراقي عبد الفتاح الزهيري ( وقد أطلق عليهم الهكسوس لكن العرب سموهم العمالقة )
ويذكر المؤرخ السوري عزة دروزة ( والعمالقة يعني الهكسوس )
--
أصل المصطلح عماليق
ولفظ عماليق هذا في أصله اللإشتقاقي مركب من مقطعين
1-     "عمـ " ويعني بدوى ويأتي في صيغة الجمع "عمـو" وهذا الأسم هو الذي يطلق علي البدو القاطنين بالشام وبلاد الرافدين . وهو ايضا الإسم الذي كان يعرفهم به قدماء المصريين منذ أقدم العصور ، والئك الذين كان منهم البدو الذين عزو مصر وعرفوا بإسم الهكسوس ، يكر د. لويس عوض (ولقد اقترنت هذه القبائل البدوية الـ عمو في نصوص مصر القديمة بغزو الهكسوس مصر ) ، ويذكر د.جمال حمدان ( والثابت أن الهكسوس هم الـ عمو – كما أسماهم المصرين ) ، كما يذكر د.سليم حسن إن المصريين كانوا يسمون الهكسوس أنفسهم بالــ عمو ) ثم يذكر معرفا ( والـ عمو هم الهكسوس ) بل ونجد من ملوك الهكسوس من يحمل الإسم عمو بالفعل كما يذكر د. لويس عوض أن اولئك البدو الـ عمو كانو يتكونون من شعبين أحهما الآراميون .
2-     " ليق" وهو مصطلح أرمي يرتبط بالجنود ففي حضارة العراق القديم كان يتم تجنيد البدو للعمل كفرق من الجنود المرتزقة في خدمة الدولة
وعند قيام مملكة بابل الأولى وهي مملكة أنشأها بدو الـ ( عمو رو ) كانوا يوزعون علي اولئك الجنود المرتزقة مساحات من الأراضي (أملاك) – كمكافأة لهم وتشجيعهم لغيرهم علي الأنخراط في سلك الجندية لخدمة المملكة – وقد كان يطلق علي هذا النوع من الأملاك في اللغة الآرمية المصطلح ( لاك) وتنطق بالكاف القريبة من (ق) وبهذا كا يطلق علي الجندي البدوي تميزا له عن باقي البدو وبإعتبا أن له هذه الأمتيازوات من الأملاك المرتبطة بالخدمة العسكرية الأسم عمــ (أي بدوي ) + لاك (لاق) = عملاك (عملاق)
ومن ثم اشتقت صيغة العماليق
وقد استمر هذا المصطلح طوال العصور البابلية وخاصة أن معظمها كانت ممالك آرمية ، ثم عنهم انتقل الي بدو الشام وغيرهم وصار يطلق عليهم بوجه عام علي كل ( البدو ,.. الذين يعملون بالجندية وحرفتهم القتال )
أي أن هذا المصطلح عماليق يشير بإختصار الي الجنود البدو
وأولئك الذين تحالفوا لغزو مصر وعرف ملوكهن بأسم الهكسوس
ملخوظة : وكما هو واضح فلا علاقة لهذا الأسم ( عماليق ) بمعنى العظمة أو الأفراط في الطول .. الخ فذلك مجرد تشابه لغوي
=============
المرجع :- قدماء المصريين أول الموحدين
=================================

السبت، 25 مارس 2017

(22) أصل غزاه مصر من الهكسوس - الجزء الأول

عصور الهكسوس
نلفت نظركم بأن الهكسوس قد حكمت مصر فعليا في الأسر ( 15- 16- 17 )
وعند هذه الحقبة من تاريخ مصر يجب أن نتوقف كثيرا .. فبرغم ندرة الوثائق المصرية في تلك الفترة – لظروف الفوضى والأرتباك نتيجة الأحتلال الهكسوسي – إلا أن هذا العصر يستحق الكثير من الأهتمام والدراسة لأنه العصر الذي شهد تواجد سلسلة من الأنبياء في مصر.
أولا : ما هم الهكسوس ؟
هم أقوام من البدو الرعاة وأسم الهكسوس نفسه يعني (حكم البدو) أو (الملوك الرعاة)
ولم يكن أولئك الهكسوس من جنس واحد وإنما كانوا خليطا متحالفا من قبائل متعددة الجنسيات .
تذكر الموسوعة المصرية ( ولا نزاع أن الهكسوس لم يكونوا جنس واحد )
ويذكر د. أحمد فخري ( إن الهكسوس ليسواا من شعب واحد ... وإنما من شعوب متعدد )
ويذكر د. أنور شكري ( ولم يكن الهكسوس شعبا من جنس واحد وإنما كانوا اخلاطا مختلفة من شعوب الشرق الأدنى )
ويذكر المؤرخ عزة دروزة ( ولقد بحث د.سليم حسن في أمر الهكسوس طويلا والمستخلص من بحثه أنهم ليسوا من جنس واحد بل جماعات متنوعة ممن كان يقطن بلاد الشام وبين النهرين )وكان وكان منهم الأعراب :
          يذكر المؤرخ عزة دروزة ( ويقول البعض بأن العكسوس اعراب )
ويذكر د. طه حسين أنهم كانوا ممن يسميهم القدماء العرب البائدة
ويذكر د. أحمد سوسة ( وكان العرب يسمون الهكسوس العرب البائدة )
ويذكر د. أحمد شلبي ( والهكسوس هم قوم من الأعراب الذين ذكرهم القرآن الكريم بقوله " الأعراب أشد كفرا ونفاقا " التوبة 97

وكان منهم الآراميون:
          يتحدث د. لويس عوض عن القبائل البدوية التي كانت تسمى عمو ... ويذكر أنهم كانوا شعبين أحدهما الآراميون )
ويضيف ( ولقد دخل الي عمو ومنهم الآراميون مع غزو الهكسوس لمصر )
ويذكر العقاد ( إن المنقبين استخلصوا من خط السير الذي ابعه الهكسوس .. أنهم علي الأرجح مزيج قديم من الآرامين و .... الخ )
ويذكر المؤرخ عزة دروزة ( يتفق معظم الباحثين علي ان العنصر الغالب في الهكسوس هو العنصر الذي كان يقطن في بلاد الشام من أرميين وكنعانيين )
ويذكر أيضا ( ولا يبعد أن يكون الهكسوس مزيجا من الآراميين والعموريين والكنعانيين .. مع التنبية أنهم لابد أن يكونوا منهم )
ويضيف ( ولقد افرد جورجي زيدان فصلا خاصا من كتابه تاريخ العرب قبل الإسلام للهكسوس مع نرجيحه بأنهم من الآراميين)
أما عن أصل الآراميين :-
          يذكر د. احمد سوسة ( يؤكد المؤرخون العرب أن القبائل الآرامية ترجع الي الأصل العربي فهمي عرب بائدة أو العرب العاريوة من أصل واحد )
ويذكر المؤرخ وعالم الآثار الفرنسي جورج رو (ماتزال مسألة أصل الآراميين مشكلة جد عويصة وهنالك من الأسباب ما يكفي لحملنا علي الأعتقاد بأن موطنهم الأصلي كان في الحقيقة في بادية الشام والهلال الخصيب )
منطقة الهلال الخصيب تعني وتشمل (سوريا ولبنان وفلسطين وشرق الأردن والعراق)
ويذكر المؤرخ جورج رو ( وتجري الإشارة عرضا الي مدينة تدعي آرامي وإلي اشخاص يحملون أسم أرامو في المخطوطات الأكدية ومخطوطات سلالة أور الثالثة وكذلك في مدونات المملكة البابلية القديمة )
إذن فقد كان أولئك البدو الرحل من القبائل الآرامية منتشرين في ارجاء العراق منذ عصور قديمة حيث ترجع الي عهد الحضارة الأكدية (2400-2235 ق م ) وسلالة أور الثالثة ( 2150 – 2006 ق م ) ومملكة بابل الأولي ( 1849 – 1595 ق م ).
أيا كان الأمر فقد كانو الهكسوس خليطا من اجناس عديدة من بينهم الأعراب وأولئك الآراميون وكلهم كانوا من قبائل البدو الرعاة .
=============
المرجع :- قدماء المصريين أول الموحدين
===================================

الثلاثاء، 21 مارس 2017

(21) نبي الله اسماعيل والهكسوس

اسماعيل نبي مبعوث الي الهكسوس .
يذكر المؤرخين أن أولئك البدو الذين كانوا جيران هاجر عندما استوطنت بجوار بئر زمزم كانوا قبيلة تسمي جرهم .
وقد كانت قبيلة جرهم هذه إحدى قبائل العماليق ( الهكسوس ) الذين كانوا منتشرين خارج مصر ايضا وبذلك كان أولئك العماليق أول من استوطن بعد هاجر مكة المكرمة .
يذكر د. أحمد الشامي: ( نزل العماليق الي جوار هاجر عندما لاحظوا وجود مصدر للماء عندها إذ تصادف أن كانت قبيلة جرهم آتية .. الخ .. فنزلوا بجوارها .. وظلوا مقيمين علي مقربة منها فنشأ اسماعيل وترعرع في جوارهم ... الخ )
ويذكر الأستاذ شوقي عبد الحكيم ( فأسكنها إبراهيم وادي فاران – أي مكة – فكان أن اسكن الله فؤادها بقبائل جرهم العماليق ... الخ ... ويذكر أن أولئك العماليق هم الذين غزوا مصر تحت أسم الهكسوس .)
ونفس هذا القول نجده في العديد من المراجع وهو أن أول وأقدم سكان مكة بعد هاجر كانوا من العماليق الهكسوس .

ولذا .. كان من الطبيعي أن يكون اسماعيل نبيا مبعوثا الي اولئك العماليق . حيث يذكر الطبري ( ونبأ الله عز وجل إسماعيل ... فبعثه الي العماليث )
ويذكر ابن كثير ( وكان اسماعيل عليه السلام رسولا الي اهل تلك الناحية وما والاها من قبائل جرهم والعماليق)
ويذكر العقاد – نقلا عن أبو الفدا ( وأرسل الله اسماعيل الي قبائل العماليق )
ويذكر الثعلبي ( ثم نبأ الله تعالي اسماعيل فبعثه الي العماليق )
ومن المعروف أن اسماعيل لم يعايش أباه ابراهيم الذي تركه في وادي مكة رضيعا ولم يكن يزوره إلا من حين الي حين .
وبذلك نشأ إسماعيل في أحضان امه التي هي واحدة من قدماء المصريين . ثم لما كبر زوجته امه واحدة من قومها قدماء المصريين
ومن هذه الزوجة المصرية أنجب إسماعيل جميع ابنائه الأثني عشر .
ولم تكن مصر في حياة اسماعيل ممثلة في الأم والزوجة فقط وإنما يذكر المؤرخون أيضا أنه كان يتردد علي أرض مصر .
يذكر ابن الياس ( قال الكندي في كتابه فضائل مصر بأنه دخل مصر من الأنبياء ثلاثين نبيا .. منهم اسماعيل بن ابراهيم ... نقل ذلك الشيخ جلال السيوطي )
ويذكر ابن ظهيرة ( كان بمصر من الأنبياء إبراهيم واسماعيل ... الخ )
إذن لم تكن صلة اسماعيل بقدماء المصريين منقطعة وإنما كان طيلة حياته في احضانهم يحوطونه من كل جانب .
فهم بالنسبة له الأم والزوجة والأخوال وأخوال أولاده والأصهار والأصدقاء في ارض المزار .

ذلك فضلا عن أن هذا النبي جد محمد عليه الصلاة والسلام وفي عروقه أصلا دماء قدماء المصريين
وبرغم اتصال اسماعيل بقدماء المصريين وبرغم أن هنالك احتمالا كبيرا أيضا بأنه كان ملما بلغتهم .. إلا أننا لا نجد في أي مرجع من المراجع – يهودية أو اسلامية – أي ذكر لتوجهه بدعوته التوحيدية إلي أي واحد من أولئك المصريين القدماء .
أليس هذا دليل علي أنهم آنذاك لم يكونوا في حاجة الي من يرشدهم الي التوحيد . ذلك لأنهم كانوا جميعا من الموحدين بالفعل .
=============
المرجع :- قدماء المصريين أول الموحدين
===================================

السبت، 18 مارس 2017

(20) النبي لوط

هو لوط بن هاران ابن آزر بن ناحور بن سروج ابن رعو بن فالج ابن عابر بن شالح ابن ارفخشذ بن سام ابن نوح عليه السلام .
وهو ابن أخ النبي إبراهيم .
الفترة التاريخية التقريبية ( 1950 – 1870 ق م )
وقت بعثته تقريبيا 1900 ق م
وهي توازي الأسرة الثانية عشر في الدولة الوسطي بمصر

ولكن لا يوجد أي ارتباط بين بعثة النبي لوط لقومه الذين يفعلون الفاحشة وبين ما كان يحدث بمصر في هذا التوقيت وذلك علي خلاف ابراهيم النبي الذي كان فيه ارتباط بجزء من حياته يحدث في مصر وقد نفيناه في الحلقات السابقة علي أساس أنه لا يوجد دليل واضح ومثبت علي زيارة ابراهيم لمصر إلا التوراه .
بعتبر لوط  من الرسل من غير أولي العزم بعثة الله في فترة بعثة عمه نبي الله إبراهيم الخليل قال الله تعالى ( فآمن معه لوط وقال اني مهاجر الي ربي إنه هو العزيز الحكيم ) العنكبوت 26
فاستقر به المقام في الخليل مع عمه ثم نزح لوط الي مدينة سدوم في نطاق غور الأردن اليوم وكانت هذه القرية تقوم بأعمال قبيحة وعادات منكرة تتنافي مع الفطرة السليمة وقد ارتكبوا جريمة الشذوذ الجنسي وهي اتيان الذكور من دون النساء قال تعالى ( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون – وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجووهم من قريتكم أنهم أناس يتطهرون ) الأعراف 80-82

لقد استهل لوط دعوته في قومه الي عبادة الله وحده لا شريك له وأمرهم بترك الفواحش والمنكرات فلما ألح عليهم مغبة استمرارهم في هذا الطريق المعوج فكان جوابهم (... لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين ) كما قرروا طرده بعد أن استشاطوا غضبا لدعوته ( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) وحينما أراد الله سبحانه اجتثاث أصحاب الطباع السيئة والعادات القبيحة من علي هذه الأرض أرسل الله اليهم الملائكة ليقلبوا ديارهم رأسا علي عقب وكانت لهم خمس قرى ، ويزيد عددهم علي أربعمائة ألف .. فمروا في طريقهم علي إبراهيم فبشروه بغلام حليم وأخبروه أنهم ذاهبون الي قوم لوط ، أهل سدوم وعمورة وأن الله قد أمرهم بذلك لإهلاك جميع أهل القرى الذين كانوا يعملون الخبائث ، فتخوف إبراهيم علي ابن اخيه لوط إذا قلبت بهم الأرض أن يكون من الهالكين فأخذ يناقشهم ويجادلهم وقال لهم : إن فيهم لوطا فأخبروه بأن الله سينجيه وأهله ومن معه من المؤمنين من العذاب الذي سيحل علي قوم لوط العصاة .

قال تعالى ( ولما جاءت رسلنا بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين – قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا أمرأته كانت من الغابرين – ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين – إنا منزلزن علي أهل هه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون – ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ) العنكبوت 31:34
والآية البينة هي البحر الميت وتحته مياهه بدة سدوم .


=============
المرجع :- اطلس تاريخ الأنبياء والرسل – سامي بن عبدالله المغلوث

===================================

الثلاثاء، 14 مارس 2017

(19)النبي إبراهيم وعصر الهكسوس - الجزء الثالث والأخير

 يقول الطبري :-
" أن عمرو بن العاص لما ملك مصر أخبرهم بوصية النبي عليه الصلاة والسلام بهم ، فقال : هذا نسب لا يحفظ حقه إلا نبي لأنه نسب بعيد وذكروا له أن هاجر كانت أمرأة لملك من ملوكنا ووقعت بيننا وبين أهل عين شمس حروب كانت لهم في بعضها دولة ، فقتلوا الملك وسبوها ومن هنالك تسيرت الي ابيكم إبراهيم ."
وقصة فرار الطبيب سنوحي الي خارج مصر وعودته في عصر الملك سنوسرت الأول بعد عفوه عنه فيها تشابه مع هذه الأحداث كما انها تشير الي ترحيب الملك بعودة المصريين الفاريين الي الخارج .
وكان الملك امنمحات الأول قد أهتم بالأمن اهتماما بالغا خاصة أنه يعلم أنه غير مرحب به من امراء الأقاليم فهناك ثأر متوارث ظل قائما بينه وبينهم ولكنه عامة كان من الملوك الباروزين في التاريخ المصري واشتهر بكرهه للبدو الذين كانوا يأتون ليقطعوا الطريق ويفسدوا في أرض مصر فأرسل ابنه سنوسرت الأول لمحاربة البدو في الصحراء الغربية وبنى عدة تحصينات علي حدود مصر وفلسطين لمنع تسلل البدو اسماها جدار الحاكم ولبث هذا الجدار طوال حكم الأسرة الثانية عشر .
وتستمر هذه النظرية في افتراض أن الأميرة هاجر ظلت تعاني في أسره  لفترة طويلة حتي تولى الملك سنوسرت الأول الحكم بعد مرض ابيه أمنمحات الأول وتعاطف مع السيدة هاجر ولكنه لم يستطع اطلاق سراحها وهي ذات دم ملكي ولها الحق في حكم منف ، فلما وفد ابراهيم عليه السلام وأمرأته سارة الي مصر اهديت هاجر لهما وأكرم ضيافتهما ، ويحاول البعض أن يقرن بين الرسوم الجدارية التي وجدت في مقابر بني حسن بالمنيا عن من يسمى "إبشا" وقومه من العامو أي من البدو الآسيويين ، وبين هجرة إبراهيم عليه السلام ، حيث كانت زيارة هؤلاء القوم في عهد الملك سنوسرت ولا شك أن هؤلاء القوم المصورون علي جداريات بني حسن تربطهم علاقة وثيقة بالشعوب التي عاصرها إبراهيم وقومه ، فهي عينة ممتازة للشعوب الأسيوية التي كانت متواجدة في منطقوة الشام في ذلك الوقت والتي كانت بدأت تفد الي مصر طابا للكلأ والغذاء فكان يسمح لها بين الحين والحين بالدخول مع تسجيل ذلك ورصده ومتابعته في عهد ملوك تلك الأسرة .
وقدسجل المصريون قدوم هؤلاء الأسيوين علي جدران مقبرة شخص يدعي ( خنوم – حتب ) في منطقة بني حسن في محاقظة قنا وكان زعيمهم واسمه إبشا يحمل لقب ( حقا – خاست )الذي ورد أيضا في قصة سنوهي – سنوحي ، ويصور المنظر هؤلاء الأجانب معهم هدية لحاكم الأقاليم وكان الرجال ملتحين وشعر رؤسهم غزير أسود اللون وكانوا يرتدون ملابس مزخرفة بأهداب ( شرارشيب ) وكان بعضهم ينتعل نعلا ذا سيور ، علي حين كان البعض الآخر ومن بينهم زعيم القبيلة يمشي حافي القدمين وكان بعض الرجال يحملون أقواسا وسهاما أما النساء فكن يلبسن أثوابا مرخرفة أيضا تغطي الكتفين وتترك الثاني عارية وكن ينتعلن أحذية حمراء ويضعن فوق رؤوسهن طرحا مثبته بحبل فوق الرأس تشبه الكوفية والعقال وقد حاول بعض الباحثين الربط بين هؤلاء الأجانب من الأسيوين وبين قدوم ابراهيم الي مصر ولكن ليس هناك الأدلة ما يوؤيد ذلك وبغض النظر عن القيمة التاريخية لهذا المنظر فإن له اهمية خاصة لأنه يعطينا صورة واضحة عن مظهر الأسيوين الذين ينتمي الهكسوس اليهم .


ومن الأحداث السابقة التي تروي أحداث مصرية داخلية علي أن هجرة ابراهيم الي مصر قد تمت في هذا العصر وقد حاول ذلك الدكتور رشدي البدراوي في كتابه قصص الأنبياء والتاريخ بل ولقد ذهب الي أن هؤلاء القوم هم بعينهم إبراهيم وقومه وهو الأمر الذي لا يمكن الجزم به أو اعتباره صحيحيا فلا يوجد دليل قاطع عليه وخاصة أنه - وعلي العكس – يوجد من الدلائل ما ينفيه .
وقد حاول الأستا سليم حسن أيضا أن يقرن ما بين هجرة ابراهيم الي مصر وبين ما يسمي ب" ها-عبري" أو " عبري- ها " في كتابه مصر القديمة ما نصه :-
( وفي الإمكان البرهنة علي وجود علاقة بين الحقائق التي لا حظناها وبين قصص الأنبياء ، فمن المحتمل أن إبراهام – إبراهيم – هو "ها-عبري" أي البدوي أو "عبرا-ها" كما جرت العادة في اللغة المصرية واللغات القديمة وفي تبديل المقاطع ، وقد صور يزور مصر في رحلة سلمية والواقع أنه قرن غالبا بين رحلته ورحلة ابشا الذي سار علي رأس قافلة لزيارة مصر في عهد سنوسرت الأول كما أسلفنا ومن غريب الصدف أن هذا العصر هو العصر الذي لاحظنا فيه لأول مرة أدلة علي وجود الهكسوس في مصر كما سبق تفصيله )
وتفترض تلك النظرية أن هذه الواقعة كانت فرصة ذهبية للملك في التخلص من آخر من يحمل الدماء الملكية بأن تهاجر خارج مصر كباقي أهلها فلا يبقي منهم في مصر من لع حق في الملك مع تضاؤل احتمالات العودةو بسهولة في ظل وجود جدار الحاكم فتزوج سيدنا إبراهيم من السيدة هاجر ورزقة اللع منها بغلام حليم وهو رسول الله إسماعيل عليه السلام وهو أكبر أبناء إبراهيم عليهم السلام جميعا .


ومع لك إذا سلمنا بصحة رواية التوراة بأن ابراهيم عليه السلام قد وفد الي مصر فالمؤكد في هذه الحالة أن الملك الذي وفد عليه ابراهيم عليه السلام لم يكن مصريا من شعب وادي النيل فكما تبين من كلام الأستاذ سليم حسن أن هذا هو العصر الذي شهد تفكك الدولة المصرية الي أقاليم واقطاعيات كبيرة في عصر بدأت فيه أمور الحكم تسوء حالات الفوضى وعدم النظام واستئثار حكام اقليمين لأقاليم منفصلة ، وبذلك يكون الملك الذي عاصر ابراهيم من الهكسوس العموريين أو العماليق الذس يحتمل أن أحدهم كان يحكم اقليم الفرما شرق الفرع البيلوزي المندثر والذي كان يصب في خليج الطينة – بالوظة حاليا في شمال سيناء – ولك قبل أن يزداد نفوذهم ليستولوا علي حكم إقليم شرق الدلتا في مصر بالكامل ومن ثم بداية استيلائهم علي الدلتا بأكملها فيما بعد ثم مصر بالكامل حتي حدود مصر العليا .
وتدل الشواهد الأثرية أن الهكسوس العماليق قد تسللوا الي مصر ببطء وعلي مهل ولأغراض التبادل التجاري وتعد الجداريات السابقة دليل علي بداية تلك الموجات وكما رأينا كيف ربط المؤرخين بداية هذا التسلل الهاديء بالمجيء المفترض لإبراهيم عليه السلام الي مصر هربا من الجوع والقحط وفقا للتوراة ، ومع العلم بأن جميع المؤرخين لم يتفقوا علي تاريخ محدد لتلك الزيارة الي مصر وهو ما يصب في اتجاه عدم تأكيدها .
وأيا كانت حقيقة معاصرة إبراهيم لأي العصرين فإن للحقبة العامة لدخوله الي مصر – إذا ثبت ذلك – صلة وثيقة بموضوع هوية قوم فرعون الذين نتحدث عنهم في بحثنا هذا علي أن هذه الأقوال والترجيحات لا تخرج بأي حال من الأحوال عن احتمالين اثنين متقاربين في الزمن ، ومنها أن الدخول المفترض لإبراهيم الي مصر كان معاصرا لفترة حكم الأسرة الثانية عشر المصرية أو أن دخوله كان معاصرا لبدء استيطان الهكسوس في اقليم الفرما وشرق الدلتا وبداية استئثارهم بحكم الإقليم في عهد الأسرتين الثالثة عشر والرابعة عشر المصريتين المتعاصرتين وعلي هذا يكون الملك الذي استقبل ابراهيم – بفرض وفوده الي مصر – وأراد أن يأخذ سارة زوجته هو من العماليق الهكسوس .
وكما نرى أن مجيء ابراهيم الي مصر أمر مثبت دينيا لولا تاريخيا ، وأن هذه المعلومة قد تسربت الي التاريح من التوراة المكذوبة والتوراة فقط ، وبالتالي لا يثبت أن ابراهيم قد طاف في كل تلك الأرضي التي يعتبرونها دولتهم الكبرى ومنها الجزء الشرقي من مصر بل وفي ولادته في أرض الكلدانيين شك كبير فلا نعلم علي وجه التأكيد أين ولد عليه السلام ، ولا نعلم علي وجهه التأكيد أيضا إن كان قد طاف في بلاد العراق والشام كما ادعوا في كتبهم أم لا وما عدا ذلك فهوو تكهنات لا تغني من الحق شيئا ولا يثبت علي هذا أنه عليه السلام قد طاف بكل هذه الأرض وحتي استقراره النسبي في أرض فلسطين لم يكن إلا إقامة مؤقتة في الصحراء كبدوي مرتحل وليس من أصحاب الأرض ، إذن فإبراهيم لم يكن له موطن محدد أو ثابت وهم أنفسهم وصفوه بأنه آرمي تائه ، وكذلك كان أسحاق من بعده ويعقوب من بعدهما هو وأبناؤه الذين لم يعرفوا إلا معيشة البداوة والترحال علي أطراف الأرض ,
=============
المرجع :- فرعون ذو الأوتاد
===================================


الاثنين، 13 مارس 2017

(18)النبي إبراهيم وعصر الهكسوس - الجزء الثاني


وتعد زيارة ابراهيم عليه السلام لمصر افتراضا وجيها عليه بعض الإشارات غير أن المصدر الوحيد الذي نص علي ذكر مصر في زيارته هي التوراة . وهو الأمر الذي يجعلنا غير قادريين علي الأعتماد عليها وحدها تمام الأعتماد , إلا أن يرد مصدر آخر يعضلها ويؤكد علي ورد فيها ,. فجميع المصادر سواء الإسلامية منها أو الأثرية لم تذكر من قريب ولا من بعيد بإشارة واضحة أن إبراهيم قد وفد الي مصر فلا يوجد ذكر ذلك في القرآن الكريم البته . أما في السنة المطهرة فلم يرد ذكر هذه الزيارة مقرونا بأسم مصر . فنجد ذكر الملك الذي حاول أخذ سارة مذكورا علي عمومه ( جبار من الجبابرة ) ففي الحديث المتفق عليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة " لم يكذب إبراهيم إلا في ثلاث كذبات ثنتين منهن في ذات الله قوله (اني سقيم) وقوله (بل فعلها كبيرهم هذا) وقال بينما هو ذات يوم وسارة إذ أتي علي جبار من الجبابرة فقيل له إن ههنا رجلا معه امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها من هذه ؟ قال أختي ، فقال لها إن هذا الجبار إن يعلم أنك أمرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام ليس علي وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك .... الخ الحديث "
وكما نرى في الحديث انه لم يرد ذكر مصر ولا حاكمها وإنما كان الأفتراض من علماء الحديث والمفسرين بأن هذا الجبار هو حاكم مصر في زمن إبراهيم نظرا لمحاولتهم التوفيق بين ذلك الحديث وبين حديث آخر حيث قال صلى الله عليه وسلم " إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا الي أهلها فإن لها ذمة ورحما أو قال ذمة وصهرا فإذا رأيتم رجلين يختصمان في موضع لبنه فأخرج منها .... الخ الحديث " اخرجه مسلم في صحيحه



ويقرن المفسرين وعلماء الحديث بين الحديثين كمحاولة للتوفيق بين الواقعة في الحديث الأول وبين الذمة والرحم والصهر في الحديث الثاني فيفسرون الرحم والصهر علي انهما يشيران لأم اسماعيل هاجر عليها السلام وينسبوها الي مصر بلد القيراط التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام .
علي أن هذه الألفاظ غير قطعية الدلالة علي أن الذمة والصهر أو الرحم تشير الي هاجر أم اسماعيل ولا دليل البته غير التوراة علي أن هاجر مصرية الأصل . ولا تعدوا أقوال المفسرين وشراح الحديث عن كونها محاولات للتوفيق بين الروايات وتفسيرها ببعضها البعض خاصة بعد أن وجدوا أن رواية التوراة غير قطعية الثبوت هي الأخري فلا يجوز التوفيق بين مصدرين لم يتوافر فيهما قطعية الدلالة والثبوت معا ، فأحاديث النبي السالفة قطعية الثبوت ولا شك ولكنها غير قطعية الدلالة في اثبات القدوم الي مصر ، فلا يجوز أن نثبت دلاله هذين الحديثين بمصدر آخر وهو التوراة غير قطعي الثبوت .
ويحاول بعض العلماء اثبات أن زيارة ابراهيم أثر مسجل عند المصريين ويذهبون الي أن تلك الأحداث كانت في عصر مبكر قليلا عن بداية تسلل الهكسوس الي مصر التي كانت في هذه الفترة قد استقرت نسبيا بعد صراع داخلي علي الحكم إثر موت الملك منتوحتب الرابع امير طيبة وملك مصر ، فأصبحت مصر دون وريث وتصارع علي الحكم وزيره امنمحات الأول ولم يكن من عائلة ملكية ولكنه كان القائم بالحكم بالفعل ، وربما كان الملك منتوحتب الرابع قد زكاه من بعده وكان متسلطا علي الجيش فنشب الصراع بينه وبين حكام الأقاليم خاصة حكام منف وربما هليوبوليس كذلك وواجه أكبر أسرة حاكمة في مصر وكانت الأحق بالحكم لعدم وجود وريث شرعي في العائلة المالكة في طيبة فأنتصر امنمحات الأول علي حكام منف وهليوبوليس وقتل اميرهم وسبى ابنته ( التي يرجحون إنها كانت الأميرة هاجر ) وفر باقي اهلها الي خارج مصر وذلك وفقا لأفتراضهم سالف الذكر .
وللحديث بقيه ......
=============

المرجع :- فرعون ذو الأوتاد

السبت، 11 مارس 2017

(17)النبي إبراهيم وعصر الهكسوس - الجزء الأول

يضطر مؤرخوا العصور القديمة فى كثير من الأحيان إلى إطلاق العنان لخيالهم ، للربط بين بعض الشواهد الأثرية التى تنطق بها بعض الحفائر المكتشفة ، وذلك لضبط  إيقاع تسلسل الأحداث فى فترة زمنية بالتاريخ القديم ، هادفين إلى أن تنسجم حركة هذه الأحداث مع ماورد فى كتبهم وأسفارهم ، وأن تتوافق مع أهوائهم وعقائدهم ... والرأى عندى أنه لايوجد تأريخا صحيحا للماضى القديم بالمفهوم العلمى لعلم التاريخ .. بل يوجد مايمكن أن نسميه جوازا علم تفسير الآثار والحفائر والبرديات .. وعلى هذا الأساس فهو علم متغير بطبيعته ، ويعتمد على ما قد يتم كشفه تباعا من آثار وحفائر قد تؤدى إلى تصويب ماكان مستقرا من قبل من معلومات أثرية تشير إلى بعض الدلائل التاريخية .
 وعندما يلجأ مؤرخوا هذا الماضى البعيد إلى سلسلة من الإفتراضات والتخمينات لملئ ثغرات أو فراغات الأزمان القديمة ، وربط أحداثها بتسلسل معين يقبله منطقهم وعقيدتهم ، فهم مضطرون إلى ذلك لإضافة خلفية حية تزيد من حيوية المشاهد والأحداث بحيث تتفق مع أهدافهم السياسية والعقائدية . وأقول أنه على الرغم من أن آثار قدماء المصريين وبردياتهم ، وعلى الرغم من دقتهم واهتمامهم بتسجيل وتدوين الأحداث ، فإننا نجد أن كل ماتركوه لنا حتى الآن لم يشر من قريب أو بعيد إلى زيارة إبراهيم عليه السلام لمصر ، أو يشر إلى يوسف وموسى عليهما السلام ، فلا يوجد من بين ماتركوه من آثار مايؤيد تلك الأحداث الهامة من سير الأنبياء .
 كما نجد أن لفظ "الهكسوس" – على سبيل المثال – على ماله من أهمية ، وخاصة بعد أن ربطه الكثير من المؤرخين بالعبرانيين وببنى إسرائيل ، ومنهم من قال أن الساميين هم العنصر الهام لقوم الهكسوس ..وأنه على الرغم من أهمية هذا اللفظ وأهمية قوم الهكسوس فى حركة الأحداث بالنسبة لتاريخ العبرانيين وأنبياء بنى إسرائيل ، فإن لفظ "الهكسوس" مازال يحير علماء التاريخ ، وسوف يظل موضوع أصل شعب الهكسوس غامضا إلى أن تظهر أدلة أثرية جديدة .. وكل ما وصل إليه العلماء هوأن كلمة " الهكسوس" هى كلمة مصرية قديمة تعنى " حكام البلاد الأجانب" .

وتدل الشواهد الأثرية أن الهكسوس قد تسللوا إلى مصر ببطء وعلى مهل ، وربط بعض المؤرخين بداية هذا التسلل الهادئ بمجيئ إبراهيم عليه السلام إلى مصر هربا من الجوع والقحط (التوراة إصحاح 12 – تكوين) ، واختلف المؤرخون فى الزمن الذى حدث فيه بداية هذا التسلل .....
 وقد بدأ الهكسوس كما قلنا تسللا هادئا بطيئا لمصر إلى أن انقضوا عليها واجتاحوها عام 1730 ق.م. ، وتحكموا فى أقدارها قرابة قرن ونصف من الزمان ، إلى أن طردهم أحمس الأول خارج حدود مصر إلى أرض كنعان (فلسطين) .. !! .. وقد أكد الكثير من المؤرخين أن يوسف عليه السلام جاء إلى مصر وبيع إلى أحد وزرائها فى عهد الهكسوس ، ويؤكد ذلك أيضا بعض كتب التفسير الإسلامية (تفسير الألوسى . جزء 12 ص 206) .. وتقول أسفار اليهود أنه جاء إلى مصر فى السنة العشرين أو الثلاثين من حكم الهكسوس الذى دام مايقرب من 150 سنة .. ويتعين طبقا لرواية اليهود أن يكون حكم الهكسوس لمصر قد بدأ بعد مجيئ إبراهيم عليه السلام لمصر بمدة طويلة  .. والوقت المرجح لوصول إبراهيم عليه السلام لمصر هو عام 1898 ق. م. ، فى حين أن الهكسوس حكموا مصر من عام 1780 ق. م. – أى بعد وصول إبراهيم عليه السلام لمصر بما يقرب من 120 عاما .. وفى رواية أخرى يعتبر البعض أن إبراهيم عليه السلام كان من الهكسوس ، وأنه دخل مصر عام 1780 ق.م. مع بداية حكم الهكسوس لمصر ، وهى رواية مخالفة فى زمن دخول إبراهيم عليه السلام لمصر . وتقول الموسوعة العربية الميسرة (الناشر : مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر 1953) : أن اللفظ "هكسوس" هو إسم أطلقه المصريون على أولئك الغزاة الذين اجتاحوا بلادهم من أخلاط سامية آسيوية مختلفة حوالى عام 1730 ق.م. فآذوهم فى دينهم وأذلوهم ، وظلوا يحكمون البلاد قرنا ونصف قرن .

ويقول المؤرخ فيليب فاراداى Phillip R. Varaday Sr http://www.prvsr.com/median.htm : أن الهكسوس والعبرانيين تربطهم صلات نسب ومصاهرة ، كما أنه يتفق أيضا مع بعض المؤرخين من أن هناك علاقة وثيقة بين حكام الهكسوس وتسهيل دخول العبرانيين إلى مصر واستقرارهم فيها ، كما يتفق مع ماورد فى كتاب نايت ولوماس Knight & Lomas من أن إبراهيم عليه السلام كان من الهكسوس ، وأنه وصل لمصر عام 1780 ق.م. ، حبث سهّلت زوجته سارة (كما يقول) دخوله لقصر فرعون بعد أن رغب الفرعون  الإختلاء بها ، وأن طمع فرعون مصر فى سارة ورغبته الإختلاء بها جعله يحسن معاملة إبراهيم عليه السلام ، ويمنحه الكثير من العطايا والهدايا ، ومن هذه العطايا  كانت السيدة هاجر وهى أميرة أسيرة عنده .. وقد كذب إبراهيم عليه السلام حين أعلن لفرعون مصر أن سارة هى أخته وليست زوجته لكى لايصطدم مع رغبة الفرعون بها معتقدا أن الله كفيل بحمايتها .... ويعلم الله أن نفسى تتأفف من هذه الفرية الدنيئة التى اخترعها كاتب سفر التكوين وبعض المؤرخين اليهود .. ويقول الدكتور محمد بيومى مهران فى شأن تلك الفرية فى كتابه (دراسات تاريخية من القرآن الكريم جزء 1 ص 136) : أن تلك الفعلة لايقبلها إبراهيم عليه السلام على نفسه ، كما لايرتضيها  لعرضه أحط الناس ، فضلا أن يكون ذلك نبى الله وخليله العظيم ..


وإنى والله أتعجب أشد العجب عندما يسمح علماء المسلمين لأنفسهم نقل هذه الفرية الحقيرة عن سيدنا إبراهيم وزوجته سارة ويسجلوها بلا وعى فى مؤلفاتهم عن قصص الأنبياء .. وكأنها حقيقة مسلم بها لمجرد أن التوراة هى مرجعها .. هذا رغم علمهم أن التوراة الأصلية قد ضاعت عند السبى البابلى ، فأعاد أحبار اليهود كتابتها وتأليفها من خيالهم وذاكرتهم المريضة ، فزادوا عليها كما أنقصوا منها على مر العصور والأيام لكى تتوافق مع أطماعهم وأهوائهم . واعترف الكثير من اليهود بذلك ، ويكفينا نحن المسلمون ماأكده الله تعالى لنا فى تنزيله الحكيم ، حيث أكد تحريف التوراة "يحرفون الكلم عن مواضعه" ، كما أكد النسيان " ونسوا حظا مما ذُكروا به " (المائدة 13) ، كما أكد الله إغفال اليهود ذكر بعض الأحداث واصطناعهم للبعض الآخر من خيالهم المريض لكى تتفق مع ضلالاتهم "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ....." (البقرة 79) . ومع ذلك ، فقد اقتبس المؤرخون الإسلاميون وكتاب التفاسير من التوراة دون حذر ، فغصت للأسف كتب التفاسير وكتب التاريخ الإسلامى بالإسرائيليات والأساطير التى دسها أدباء اليهود على التوراة الأصلية ..

الجمعة، 10 مارس 2017

(16)النبي صالح وقوم ثمود - الجزء الثاني والأخير

حتي لا ننسي ... أن صالح عليه السلام كان رسول الله الي قومه ثمود وكانت آيه الله لهم هي الناقة فعقروها فأصبحوا نادمين .. في هذ التوقيت كانت مصر تعيش الأسرة التاسعة والعاشرة من حكم قدماء المصريين وكانوا علي التوحيد الذي نزل عليهم من رب العزة في عهد سيدنا إدريس عليه السلام . وسوف نلخص هذه الحقبة الزمنية في هذا المقال .
عصر الدولة الوسطى 2134 – 1778 ق م
يذكر د. ثروت عكاشة ( ولم نجد المصريين قد تخلفوا عن هذا التوحيد أو حادوا عنه أيام الدولة الوسطى فنجد في وصاياهم النهي عما يغضب الرب ونقرأ ببردية تشستربيتي الرابعة : لا تعترض علي الرب فإنه يغضب علي من يعترض عليه ولا ترفع صوتك في المحراب فإن الله يحب السكون )
ويلاحظ أن نفس المواعظ الواردة بهذه البردية شبيهه بما ورد في القرآن الكريم منسوبا الي الحكيم المصري لقمان .
قال تعالى ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه ... الخ ... واصبر علي ما أصابك ) لقمان 13-17
وفي بردية تشستربيتي ( لا تعترض علي الرب ) أي أصبر علي ما أصابك .
كما نجد نفس المعني أيضا في كتاب الموتى في الفصل المسمى ( الإنكارات ) الذي يتحدث عن الأشياء التي ينبغي علي المتوفي أن يتبرأ منها يوم حساب الآخرة حيث وردت في الفقرة الآتية " ولم اعترض علي إرادة الله") أي أنه في حياته يصبر علي ما يصيبه ومن القدر الألهي .
كما نجد أيضا في مواعظ الحكيم المصري لقمان
قال تعالى ( وإذ قال لقمان لأبنه وهو يعظه .. الخ ... واغضض من صوتك ) لقمان 13-19
ومن مواعظ بردية تشستربيتي ( ولا ترفع صوتك .. فإن الله يحب السكون )
أي أن نفس المواعظ كانت تتردد في مصر علي ألسنة الحكماء منذ أقدم العصور
كما ينبغي الألتفات أيضا إلي أن هذه البردية تتحدث عن الإله في صيغة المفرد أي تنتمي الي مذهب التوحيد .
ولذا يذكر فرانسوا دوماس عن بردية تشستربيتي ( إن جاردنر عالم المصريات البريطاني الكبير .. لم يتردد في وصفها بأنها تنتمي الي مذهب التوحيد )
كما يذكر فرانسوا دوماس أيضا في حديثه عن آداب عصر الدولة الوسطى بصفة عامة ( وفي قصص من أمثال الواحة أو قصة سنوحى لا تستخدم الفقرات التي تنسب الي الحكم الأدبية .. تعابير أخري غير لفظ الإله )
إن فكل النصوص التي ترجع الي هذا العصر تنتمي الي مذهب التوحيد ...
عصر الأسرة العاشرة ...
( الحكيم اختوى )
ترك لنا أحد ملوك هذه الأسرة ويدعى أختوى الرابع بردية تحتوي علي مواعظ ونصائح إلي ابنه مرى كارع
وعن هذه البردية .. يقول د. أحمد فخري ( من أهم المصادر القديمة لدراسة الحالة الإجتماعية في مصر في أواخر أيام اهناسيا .. تلك البردية التي تحتوي علي النصائح التي وجهها الملك أختوى الرابع إلي ابنه الملك مرى كارع ويوصيه بالإكثار من إقامة المنشئات الدينية وأن يرضي الله والخوف منه فهو يعلم السر وما يخفي ويذكره بألا ينسى آخرته وأن يعمل لليوم الآخر .. ويوقل له بأن يذكر دائما نعم الله عليه )

ويذكر د. سليم حسن فقرات من هذه المواعظ والنصائح .. حيث يقول هذا الملك الحكيم :-
والإله يعرف الشقي وينتقم منه أشد العقاب
والإله يقول إني أنا المنتقم
وسأعاقب كلا بذنبه
وعلي الإنسان أن يعمل ما يريد
علي ألا ينسى الحساب الأخير ...
إن الإله قد أحكم ما خلق من أرض وسماء
وهيأها حسب حاجة الأحياء
فجعل للظمأ الماء .. وللنفس الهواء
كما جعل من زرع الأرض وحيوانها ومن طير السماء ومن سمك البحار .. طعاما لهم .
وسلط نقمته على العاصين ..
ثم يقول عن صلة الإنسان بربه في الدنيا والآخرة :-
تمضي الأجيال جيلا بعد جيل.
مثلما يمضي الماء في مجراه ليفسح لغيره.
وليس ثمة مجرى ماء يقف جامدا.
بل هو ماض في سبيله مكتسح ما يعترضه.
والله وراء الأجيال محيط بأعمالهم .
لا تدركه أبصار الناس وهو يدرك ما يعلمون.
فأعبد الله علي ما رسم لك في رفعتك وفي ضيعتك.
هذه بعض أمثلة مما ورد في نصائح ومواعظ ذلك الحكيم لأبنه .
ويعلق د. ثروت عكاشة علي هذه النصائح بقوله ( وهكذا نجد أن الوعي الديني برب معبود لا تراه العيون .. مما انتهت إليه نظرة الحكماء من قدماء المصريين منذ أربعة آلاف من السنين .. بل ... لقد انتهي ذلك الحكيم الإهناسي في وصف الرب إلي قريب مما جاءت به الأديان السماوية .)
ويذكر بريستد ( ونلاحظ زيادة الإمعان في صوغ هذه التأملات بصبغة التوحيد في الصورة الآتية التي صور فيها الحكيم الإهناسي الخالق الحاكم الرؤوف – في خاتمة تأملاته – إذ يقول : إن الله قد عنى عناية حسنة برعيته فقد خلق السماوات والأرض ... الخ )
ويذكر د. سليم حسن ( وقد ختم هذا الملك الحكيم كلامه بتأملات تدل علي اعتقاده بالوحدانية ووصف خالقة المسيطر علي العالم )
هكذا عقائد وأفكار قدماء المصريين من أهل ذلك الزمان منذ أكثر من أربعة آلاف سنة في عصر نبي الله صالح عليه السلام وقوم ثمود .
===============

المرجع : قدماء المصريين أول الموحدين