الجمعة، 10 مارس 2017

(16)النبي صالح وقوم ثمود - الجزء الثاني والأخير

حتي لا ننسي ... أن صالح عليه السلام كان رسول الله الي قومه ثمود وكانت آيه الله لهم هي الناقة فعقروها فأصبحوا نادمين .. في هذ التوقيت كانت مصر تعيش الأسرة التاسعة والعاشرة من حكم قدماء المصريين وكانوا علي التوحيد الذي نزل عليهم من رب العزة في عهد سيدنا إدريس عليه السلام . وسوف نلخص هذه الحقبة الزمنية في هذا المقال .
عصر الدولة الوسطى 2134 – 1778 ق م
يذكر د. ثروت عكاشة ( ولم نجد المصريين قد تخلفوا عن هذا التوحيد أو حادوا عنه أيام الدولة الوسطى فنجد في وصاياهم النهي عما يغضب الرب ونقرأ ببردية تشستربيتي الرابعة : لا تعترض علي الرب فإنه يغضب علي من يعترض عليه ولا ترفع صوتك في المحراب فإن الله يحب السكون )
ويلاحظ أن نفس المواعظ الواردة بهذه البردية شبيهه بما ورد في القرآن الكريم منسوبا الي الحكيم المصري لقمان .
قال تعالى ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه ... الخ ... واصبر علي ما أصابك ) لقمان 13-17
وفي بردية تشستربيتي ( لا تعترض علي الرب ) أي أصبر علي ما أصابك .
كما نجد نفس المعني أيضا في كتاب الموتى في الفصل المسمى ( الإنكارات ) الذي يتحدث عن الأشياء التي ينبغي علي المتوفي أن يتبرأ منها يوم حساب الآخرة حيث وردت في الفقرة الآتية " ولم اعترض علي إرادة الله") أي أنه في حياته يصبر علي ما يصيبه ومن القدر الألهي .
كما نجد أيضا في مواعظ الحكيم المصري لقمان
قال تعالى ( وإذ قال لقمان لأبنه وهو يعظه .. الخ ... واغضض من صوتك ) لقمان 13-19
ومن مواعظ بردية تشستربيتي ( ولا ترفع صوتك .. فإن الله يحب السكون )
أي أن نفس المواعظ كانت تتردد في مصر علي ألسنة الحكماء منذ أقدم العصور
كما ينبغي الألتفات أيضا إلي أن هذه البردية تتحدث عن الإله في صيغة المفرد أي تنتمي الي مذهب التوحيد .
ولذا يذكر فرانسوا دوماس عن بردية تشستربيتي ( إن جاردنر عالم المصريات البريطاني الكبير .. لم يتردد في وصفها بأنها تنتمي الي مذهب التوحيد )
كما يذكر فرانسوا دوماس أيضا في حديثه عن آداب عصر الدولة الوسطى بصفة عامة ( وفي قصص من أمثال الواحة أو قصة سنوحى لا تستخدم الفقرات التي تنسب الي الحكم الأدبية .. تعابير أخري غير لفظ الإله )
إن فكل النصوص التي ترجع الي هذا العصر تنتمي الي مذهب التوحيد ...
عصر الأسرة العاشرة ...
( الحكيم اختوى )
ترك لنا أحد ملوك هذه الأسرة ويدعى أختوى الرابع بردية تحتوي علي مواعظ ونصائح إلي ابنه مرى كارع
وعن هذه البردية .. يقول د. أحمد فخري ( من أهم المصادر القديمة لدراسة الحالة الإجتماعية في مصر في أواخر أيام اهناسيا .. تلك البردية التي تحتوي علي النصائح التي وجهها الملك أختوى الرابع إلي ابنه الملك مرى كارع ويوصيه بالإكثار من إقامة المنشئات الدينية وأن يرضي الله والخوف منه فهو يعلم السر وما يخفي ويذكره بألا ينسى آخرته وأن يعمل لليوم الآخر .. ويوقل له بأن يذكر دائما نعم الله عليه )

ويذكر د. سليم حسن فقرات من هذه المواعظ والنصائح .. حيث يقول هذا الملك الحكيم :-
والإله يعرف الشقي وينتقم منه أشد العقاب
والإله يقول إني أنا المنتقم
وسأعاقب كلا بذنبه
وعلي الإنسان أن يعمل ما يريد
علي ألا ينسى الحساب الأخير ...
إن الإله قد أحكم ما خلق من أرض وسماء
وهيأها حسب حاجة الأحياء
فجعل للظمأ الماء .. وللنفس الهواء
كما جعل من زرع الأرض وحيوانها ومن طير السماء ومن سمك البحار .. طعاما لهم .
وسلط نقمته على العاصين ..
ثم يقول عن صلة الإنسان بربه في الدنيا والآخرة :-
تمضي الأجيال جيلا بعد جيل.
مثلما يمضي الماء في مجراه ليفسح لغيره.
وليس ثمة مجرى ماء يقف جامدا.
بل هو ماض في سبيله مكتسح ما يعترضه.
والله وراء الأجيال محيط بأعمالهم .
لا تدركه أبصار الناس وهو يدرك ما يعلمون.
فأعبد الله علي ما رسم لك في رفعتك وفي ضيعتك.
هذه بعض أمثلة مما ورد في نصائح ومواعظ ذلك الحكيم لأبنه .
ويعلق د. ثروت عكاشة علي هذه النصائح بقوله ( وهكذا نجد أن الوعي الديني برب معبود لا تراه العيون .. مما انتهت إليه نظرة الحكماء من قدماء المصريين منذ أربعة آلاف من السنين .. بل ... لقد انتهي ذلك الحكيم الإهناسي في وصف الرب إلي قريب مما جاءت به الأديان السماوية .)
ويذكر بريستد ( ونلاحظ زيادة الإمعان في صوغ هذه التأملات بصبغة التوحيد في الصورة الآتية التي صور فيها الحكيم الإهناسي الخالق الحاكم الرؤوف – في خاتمة تأملاته – إذ يقول : إن الله قد عنى عناية حسنة برعيته فقد خلق السماوات والأرض ... الخ )
ويذكر د. سليم حسن ( وقد ختم هذا الملك الحكيم كلامه بتأملات تدل علي اعتقاده بالوحدانية ووصف خالقة المسيطر علي العالم )
هكذا عقائد وأفكار قدماء المصريين من أهل ذلك الزمان منذ أكثر من أربعة آلاف سنة في عصر نبي الله صالح عليه السلام وقوم ثمود .
===============

المرجع : قدماء المصريين أول الموحدين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق