وتعد زيارة ابراهيم عليه السلام لمصر
افتراضا وجيها عليه بعض الإشارات غير أن المصدر الوحيد الذي نص علي ذكر مصر في
زيارته هي التوراة . وهو الأمر الذي يجعلنا غير قادريين علي الأعتماد عليها وحدها
تمام الأعتماد , إلا أن يرد مصدر آخر يعضلها ويؤكد علي ورد فيها ,. فجميع المصادر
سواء الإسلامية منها أو الأثرية لم تذكر من قريب ولا من بعيد بإشارة واضحة أن
إبراهيم قد وفد الي مصر فلا يوجد ذكر ذلك في القرآن الكريم البته . أما في السنة
المطهرة فلم يرد ذكر هذه الزيارة مقرونا بأسم مصر . فنجد ذكر الملك الذي حاول أخذ
سارة مذكورا علي عمومه ( جبار من الجبابرة ) ففي الحديث المتفق عليه يقول النبي
صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة " لم يكذب إبراهيم إلا في ثلاث كذبات
ثنتين منهن في ذات الله قوله (اني سقيم) وقوله (بل فعلها كبيرهم هذا) وقال بينما
هو ذات يوم وسارة إذ أتي علي جبار من الجبابرة فقيل له إن ههنا رجلا معه امرأة من
أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها من هذه ؟ قال أختي ، فقال لها إن هذا الجبار إن
يعلم أنك أمرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام ليس
علي وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك .... الخ الحديث "
وكما نرى في الحديث انه لم يرد ذكر
مصر ولا حاكمها وإنما كان الأفتراض من علماء الحديث والمفسرين بأن هذا الجبار هو
حاكم مصر في زمن إبراهيم نظرا لمحاولتهم التوفيق بين ذلك الحديث وبين حديث آخر حيث
قال صلى الله عليه وسلم " إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا
فتحتموها فأحسنوا الي أهلها فإن لها ذمة ورحما أو قال ذمة وصهرا فإذا رأيتم رجلين
يختصمان في موضع لبنه فأخرج منها .... الخ الحديث " اخرجه مسلم في صحيحه
ويقرن المفسرين وعلماء الحديث بين
الحديثين كمحاولة للتوفيق بين الواقعة في الحديث الأول وبين الذمة والرحم والصهر
في الحديث الثاني فيفسرون الرحم والصهر علي انهما يشيران لأم اسماعيل هاجر عليها
السلام وينسبوها الي مصر بلد القيراط التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام .
علي أن هذه الألفاظ غير قطعية الدلالة
علي أن الذمة والصهر أو الرحم تشير الي هاجر أم اسماعيل ولا دليل البته غير
التوراة علي أن هاجر مصرية الأصل . ولا تعدوا أقوال المفسرين وشراح الحديث عن
كونها محاولات للتوفيق بين الروايات وتفسيرها ببعضها البعض خاصة بعد أن وجدوا أن
رواية التوراة غير قطعية الثبوت هي الأخري فلا يجوز التوفيق بين مصدرين لم يتوافر
فيهما قطعية الدلالة والثبوت معا ، فأحاديث النبي السالفة قطعية الثبوت ولا شك
ولكنها غير قطعية الدلالة في اثبات القدوم الي مصر ، فلا يجوز أن نثبت دلاله هذين
الحديثين بمصدر آخر وهو التوراة غير قطعي الثبوت .
ويحاول بعض العلماء اثبات أن زيارة
ابراهيم أثر مسجل عند المصريين ويذهبون الي أن تلك الأحداث كانت في عصر مبكر قليلا
عن بداية تسلل الهكسوس الي مصر التي كانت في هذه الفترة قد استقرت نسبيا بعد صراع
داخلي علي الحكم إثر موت الملك منتوحتب الرابع امير طيبة وملك مصر ، فأصبحت مصر
دون وريث وتصارع علي الحكم وزيره امنمحات الأول ولم يكن من عائلة ملكية ولكنه كان
القائم بالحكم بالفعل ، وربما كان الملك منتوحتب الرابع قد زكاه من بعده وكان
متسلطا علي الجيش فنشب الصراع بينه وبين حكام الأقاليم خاصة حكام منف وربما
هليوبوليس كذلك وواجه أكبر أسرة حاكمة في مصر وكانت الأحق بالحكم لعدم وجود وريث
شرعي في العائلة المالكة في طيبة فأنتصر امنمحات الأول علي حكام منف وهليوبوليس
وقتل اميرهم وسبى ابنته ( التي يرجحون إنها كانت الأميرة هاجر ) وفر باقي اهلها
الي خارج مصر وذلك وفقا لأفتراضهم سالف الذكر .
وللحديث بقيه ......
=============
المرجع :- فرعون ذو الأوتاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق